على الساعة الخامسة صباحا يستيقظ عبد الرحيم ذو العشرة سنوات، وسط برد الشتاء القارص حاملا زاده ومتأبطا عصاه التي يهش بها على غنمه، معلنا الوجهة إلى المراعي القريبة بحثا عن الموفورات الكلية لماشيته.
"لا أريد أن احصل في المستقبل على أي وظيفة أريد فقط أن أرعى غنمي" هذا ما قاله عبد الرحيم مختصرا كل أمانيه في أن تكون له الكثير من الماشية هي الكفيلة بإسعاده فلا شيء يسعده أكثر من ذلك ..رده و إن كان متشائما فإنه يحمل في طياته الكثير من المعاني مفاده انه ساخطا على وضعيته في هذا الوطن الذي اغتصب طفولته وحرمه من ابسط حقوقه وهو المحتاج إلى الرعاية والدراسة واللعب كجل أقرانه.
عبد الرحيم ومعه معظم أطفال الدواوير النائية لم يعودوا كغيرهم من أطفال المدن يلعبون ويمرحون ويستمتعون بوقتهم دون معاناة ويعيشون سنين عمرهم وحياتهم كأطفال بل كبروا قبل الأوان ونضجوا مبكرا، هم أطفال بسواعد الرجال، جل اهتمامتهم تنصب في اتجاه مساعدة عائلتهم في الحرث والزرع والرعي، للتغلب على مصاعب الزمن وظروف الحياة القروية الصعبة.
قصة عبد الرحيم الطفل الرجل هي اختصار لمعاناة الكثير من أقرانه الذين حكمت عليهم الأقدار بان يعيشوا في ضنك العيش وسط قراهم النائية منذ أن كانوا نطفة في قرير مكين، بعدما تنازلوا مكرهين لا أبطال عن أحلامهم الطفولية.
0 التعليقات:
إرسال تعليق